عندما يُضرب الرئيس عن الطعام!

عندما يُضرب الرئيس عن الطعام!




التجديد العربي

د. فايز رشيد

في خبرٍ فريد من نوعه، نقلت وسائل الإعلام عن الرئيس البوليفي، ايفو موراليس، أنه ابتدأ إضراباً عن الطعام، احتجاجاً على غياب أي تقدم في البرلمان، بشأن تبني القانون الانتخابي، الذي قدمته الحركة التي يرأسها، وهي الحركة نحو الاشتراكية، وتطلب فيه: تخصيص مقاعد أكبر للمناطق الفقيرة والقروية.

مطلب الحركة الاشتراكية، اصطدم برفض المعارضة اليمينية التي تهيمن على مجلس الشيوخ(الحركة الاشتراكية تسيطر على مجلس النواب) للقانون المذكور، تحت الادّعاء: بأن المناطق التي يطلب الرئيس وحركته زيادة مقاعدها في المجلسين، يحظى الرئيس بشعبية كبيرةٍ فيها.

من جهته، فإن البرلمان وفي الثامن من إبريل الحالي صوت بالأحرف الأولى موافقاً على القانون. لكن المعارضة ترفض نقاش(84) بنداً متعلقة بالقانون ولذلك عطلت انعقاد مجلس النواب، الرئيس ومن أجل الضغط على المعارضة لنقاش بنود القانون وتأييدها، أعلن هو وزعماء كثيرون من السكان الأصليين(والرئيس موارليس هو أول رئيس في تاريخ بوليفيا ينحدر من السكان الأصليين) وكذلك من زعماء العمال إضراباً مفتوحاً عن الطعام، وافترشوا حشايا للنوم على أرضية القصر الرئاسي، وأعلنوا بأنهم لن يفكوا إضرابهم.... حتى تتم الموافقة على القانون.

بالطبع، ونتيجة لتطور الأحداث وموافقة المعارضة على نقاش مواد القانون في البرلمان، فك الرئيس وزملاؤه إضرابهم عن الطعام بعد أن استمر خمسة أيام!.

فكرة إضراب رئيس بلد عن الطعام، إضافة إلى غرائبيتها، وهي تصب في نهج الزعيم الهندي غاندي (لكنه لم يكن رئيساً)، لكنها تعبير عما وصلت إليه الديموقراطية من تطور في هذا البلد الذي يقوده موراليس المعروف ببساطته الشديدة. وبوليفيا هي إحدى دول العالم النامي أو (الثالث) وفقاً لتقسيمات الدول، وغالباً ما يكون الرؤساء فيها دكتاتوريين، غير قابلين لاقتراف الخطأ، بل يتفوهون دوماً بالصواب، ولا يفعلون إلا ما هو في مصلحة الشعوب، وعندما يُنتخبون، ينتخبهم الشعب بغالبية 99,99%، ويجددون فترات رئاستهم مرّات ومرّات، وأصبحنا نرى ظاهرة تسليم البعض منهم السلطة لأبنائهم من بعدهم.... إلى آخره.

إضراب موراليس هو تعبير عن المستوى المتقدم لحجم التغييرات، التي جرت وما تزال تجري في دول اميركا اللاتينية، فقد كانت هذه الدول تعتبر حديقةً خلفية للولايات المتحدة الأميركية، التي تسيطر على مواردها الطبيعية(وبخاصة النفط) وثرواتها، ولم تكن سوى صدىً مردداً للسياسات الأميركية تجاه كافة القضايا الإقليمية والدولية.

في الثماني دول التي خرجت عن الفلك الأميركي، وإضافة إلى التطبيق الديموقراطي المستند إلى قوانين ديموقراطية حقيقية، تعبر من خلالها الشعوب عن آرائها ووجهات نظرها في قضايا بلدانها، بما في ذلك وجهة النظر من استمرار رئيس هذه الدولة أو تلك في الحكم من خلال الانتخابات الديموقراطية الحقيقية ( وليس من خلال انتخابات تزوير النتائج)، بدأنا نشهد سيطرة كاملة من سلطات هذه الدول على ثرواتها ومصادرها الطبيعية، واستقلالية كبيرة عن واشنطن في مجال السياسات الخارجية، ولذلك لم يكن غريباً أن تحذو بوليفيا حذو فنزويلا وتقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل أثناء العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة(2008-2009)، وأن تؤيد تأييداً كاملاً الحقوق الفلسطينية ومعركة الشعب الفسطيني العادلة.

لقد شارك الرئيس موراليس أيضاً في القمة العربية - اللاتينة الثانية التي انعقدت في الدوحة أواخر شهر مارس الماضي، وهو من أشد المتحمسين(كما عبر عن ذلك في خطابه) لتمتين العلاقات العربية مع دول أميركا اللاتينية.

يبقى القول إن الرئيس موراليس وبإضرابه عن الطعام في قصره الرئاسي، قد شق طريقاً جديداً في التمسك بالديموقراطية والدفاع عنها، وفي التأثير على السياسة المحلية في بلده.
__________________


اذا عجبك موضوع من مواضيعي..لا تقل لي شكراً
و لكن أدعو لي (في ظهر الغيب) بالآتي

اللهم اغفر لها ما تقدم من ذنبها و ما تأخر..
اللهم بارك لها في عمرها ...
و احسن خاتمتها...
واجزها الجنة هي وأهلها والمسلمين كلهم أجمعين

ولكم بالمثل إن شاء الله

اللة يعطيك العافية على المواضيع الغنية عن التعريف وهذا يدل على فكرك العالي تحياتي