إذا بقي المجرمون طلقاء
التجديد العربي
السيد زهرة
الرئيس الامريكي اوباما يتعرض لانتقادات شديدة في داخل الولايات المتحدة بسبب موقفه الأخير من المتورطين في جرائم تعذيب المعتقلين من مسئولي المخابرات الامريكية.
القضية تفجرت بعد اضطرار الادارة الامريكية في الايام الماضية لنشر اربع وثائق سرية صدرت ايام حكم الرئيس السابق بوش وتم استخدامها كقاعدة قانونية لتعذيب المعتقلين. وبعد نشرها، اعلن اوباما انه لن يتم محاسبة أي من مسئولي المخابرات الذين مارسوا التعذيب. واعلنت ادارته في نفس الوقت انها ستوفر حصانة لهم من أي محاكمات دولية او في الخارج.
حملة انتقادلات ضخمة يتعرض لها اوباما حاليا من جانب منظمات حقوق الانسان وكثير جدا من الكتاب والناشطين في امريكا.
هذه الانتقادات استندت الى مبررات كثيرة جدا. في مقدمتها ان اوباما بتوفيره الحصانة لمن ارتكبوا هذه الجرائم، فانه لا يقوم بواجباته الدستورية التي تحتم عليه ان يدافع عن القانون وان يحميه وان يحاسب كل من ينتهك القانون والدستور.
ويعتبر المنتقدون ان تعهد ادارة اوباما بوقف ممارسات التعذيب هذه لا يكفي، وانما لا بد من توفير ضمانات لعدم تكرارها مستقبلا.
ويعتبرون ان اوباما باصراره على عدم محاسبة هؤلاء انما يرسي سابقة تشجع على تكرار ممارسات التعذيب، والخروج على القانون والدستور.
وفي الاجمال، فانهم يتهمون اوباما بأنه يحكم الاعتبارات السياسية، وليس القانونية ولا الدستورية ولا الاخلاقية.
كما نرى، فان الانتقادات لما فعله اوباما في داخل امريكا تنطلق من اعتبارات داخلية تتعلق بالنظام الامريكي. ولهذا، فالمنتقدون يركزون في الاساس على ما تمثله ممارسات التعذيب من انتهاكات للقانون والدستور تحت دعوى الامن القومي، وما يمثله ذلك من خطر على النظام السياسي الامريكي وحريات وحقوق المواطنين.
هذا الجدل الذي يدور في امريكا اليوم يأتي ليذكرنا نحن في العالم العربي والاسلامي، بالموقف الذي يجب ان نتخذه من مجرمي الحرب في عهد ادارة بوش والجرائم التي ارتكبوها بحق دولنا وشعوبنا.
نحن في العالم العربي والاسلامي ضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها اركان ادارة بوش، والمفروض ان نكون نحن المعنيين قبل أي احد في العالم بأن يحاكم هؤلاء على جرائمهم.
وجرائم التعذيب في المعتقلات الامريكية التي ينحصر حولها الجدل في امريكا اليوم، ما هي الا جريمة واحدة من سلسلة من جرائم الحرب والابادة ارتكبتها ادارة بوش بحق العرب والمسلمين، في العراق وفي افغانستان وفي جوانتنامو و السجون السرية للمخابرات الامريكية.
والمجرمون من مسئولي المخابرات الامريكية الذين تعهد اوباما بتوفير الحصانة لهم،هم مجرمون صغار مقارنة بالمجرمين الكبار، الذين هم كل القيادات السياسية والعسكرية وعلى راسهم المجرم الاكبر بوش ونائبه تشيني ووزير دفاعه رامسفيلد وغيرهم.
كل هؤلاء يجب ان يمثلوا امام محاكم دولية لمحاكمتهم على جرائمهم التي ارتكبوها بحقنا وبحق البشرية كلها.
والأمر الغريب حقا اننا في العالم العربي والاسلامي لا نكاد نتحدث عن هذه القضية اصلا، ولم نسمع عن أي تحرك من جانب أي جهة للمطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب هؤلاء.
هذه في حد ذاتها جريمة. محاكمة هؤلاء المجرمين هو حق دولي تكفله لنا المواثيق الدولية، وليس مقبولا ابدا ان نفرط فيه.
واذا بقي مجرمو الحرب هؤلاء طلقاء بلا حساب ولا محاكمة على جرائمهم، فان هذا لا يعني ضياعا لحق اصيل لنا فقط، ولكنه يعني انه ليس هناك أي ضمان لعدم تكرار هذه الجرائم بحقنا مستقبلا.
والأمر اذن ان هذه الحملة في امريكا التي تطالب بمحاكمة بعض هؤلاء المجرمين، كان من الاولى ان تنطلق من الدول العربية والاسلامية للمطالبة بمحاكمات دولية لكل المجرمين، والتحرك عمليا في اتجاه ذلك.
__________________
اذا عجبك موضوع من مواضيعي..لا تقل لي شكراً
و لكن أدعو لي (في ظهر الغيب) بالآتي
اللهم اغفر لها ما تقدم من ذنبها و ما تأخر..
اللهم بارك لها في عمرها ...
و احسن خاتمتها...
واجزها الجنة هي وأهلها والمسلمين كلهم أجمعين
ولكم بالمثل إن شاء الله