تؤخذ الجثة إلى خيمة التحنيط حيث يجري غسلهـا جيداً فيمـــا يؤدي الكهنة بعض الطقوس الخاصة بذلك ويضع كبير المحنطيـن علـى وجهه قناعاً يشبه وجه الذئب الذي يرمز لإله " أنوبيــس " في إعتقادهم . يبدأ المحنط بشق فتحة طولها حوالي 12 سم في الجزء الأيسر من البطن . ثم يترك الجثة فجأة ويفر هــــارباً فيــما يرميه الكهنة بالحجارة ويصبَون على رأسه اللعـــنات بمثابة عقاب رمزي .
بعد هذا المشهد المسرحي يأتي بقية المحنطين فيخرجون الأحشاء ويجففونها ويضعونها في أربعة أوان حجرية لكي تدفن مع المومياء ويستخرج الدماخ ولايترك بجوف الجثة سوى القلب إعتقاداً منهم بأنه موضع " ضمير " الشخص الذي سيجري حسابه في العالم الآخر , ثم يغسل جوف الجثة بنوع من خمر النخيل , وتغطى بسائل صمغي لحمايتها من الطفيليات لكن أهم مراحل التحنيط هو التخلــص من المياه الموجودة في جسم الجثة , ذلك الســـر الهائل وراء نجاح المصريين القدامى في حفظ موتاهم من التلف طــوال آلاف السنين . ويرى العلماء المعاصـــرون أن الفراعنة إستخدموا النطرون الجاف لإمتصاص المياه من الجسم , بلفه فيه لمدة تتراوح بين 35 و 40 يوماً .
بعد أن تجف الجثة تملأ فراغاتها بقطع من الكتان أو نشارة الخشب وتسد فتحة البطن بغطاء مـن الــذهب وتطلى أظافر اليدين و القدمين بالحناء , ويظفر شعـر المـرأة وإذا كان الميت قد فـقد خـلال حياته إحـدى عينيه توضع بدلهـــا حجرة كريمة في تجويف العين , مع الحفاظ على ملامح وجهه , ثم تطلى الجثـــة بالطيـب , وتغطى بسـائل مادة صمغية تكون بعدها جاهزة للف في رباطات ملونة من الكتان لا يقل طولها عن 140 م , وبعد سبعين يوماً وهي الفترة التي تستغرقها عملية التحنيط بكاملها , تبدأ مراسيم الدفن في مقابر تحت الأرض .
من كتاب سلسلة أطلس الرحلات الجزء الأول ( البحر الهادي و المتوسط ) : دار المختار سنة 1979م , صفحة 22
السمكة الشفافة
أطلقوا عليها إسم السمكة البلورية أو الزجاجية أو الشفــافة ...إختلفت الأوصاف و المعنى واحد ... ذلك أن الناظر إلى هذه الصورة يستطيع أن يرى و بوضح الهيكل العظمي بكل تفاصيله و كذلك مخها واحشائها ، وهذا لا يأتي إلا بواسطة الأشعــة السينية التي تخترق موجاتها القصيرة اللحم والشحم ، وتظهر ما خفى عن عيوننا من مكونات صلبة ( كالعظام و الكسـور و الحصوات ......إلخ ) .
لكن لكل قاعدة شواذاً ، فلحم هذه السمكة يشف عما تحته ، لدرجة أنه يمكن رؤية ما وراءها من أعشاب ، وكأنما العين تنظر من خلال لوح زجاجي ، أي كأنما هذه السمكة الشفافة تعيد إلى أذهاننا ذلك الإعتقـاد القديم الذي سيطر على عقول الناس ، و تصوروا وجود مخلوقات أثيرية أو شفافة ، وطبيعي أن أحدًا لمم يعاين مثل هـذه المخلوفات ،لكن الحياة قدمت لنا مثالا حياً في تلك السمكة التي تتبع عائلة أسماك القط ( ومنها القرموط و الرعاش و القرقار ) ...وكم في جعبة الحياة من أسرار غريبة و سبحان الله العظيم الذي أبدع هذا الكون العظيم .
الخفافيش
الخفاش هو عبارة عن حيوان طائر يشبه الفأر , وهناك اأنواع كثيرة من الخفافيش في العالم , وأكبرها تلك التي يبلغ طولها من أقصى الجناح الأيمن إلى الجناح الأيسر في حالة إنفتاحهما 1.80 م وأصغرها الخفاش الإفريقي حيث يكبر النحلة بقليل و يزن 3غ فقـط , وللخفافيش سمعة سيئة حيـث يعتقد أنها مصــاصة للـــدمـاء , ولكنـها في الحقيقة حيوانـات ودية و هــــــــــي نافــعة جداً
للطبيعة و لولا الخفافيش لمازالت الأشجار الإستوائية كالتين والأكاجو مثلاً , لأن الخفافيش تنقل اللقاح من زهــرة لأخرى , ويوجد حقاً بعض أنواع الخفافيش في أمريكا الجنوبية تتغذى أحياناًعلى دم بعض الحيوانات ولكن بطـريقة غير مؤذية تماماً و لا تسبب أي خطر على الحيوان الملدوغ إذ تقترب هاته الخفافيش من الخيل والبقر مثلاً وتحـدث في جلدها ثقباً صغيراً جداً بأنيابها الحادة وتفرز داخلها مادة مانعة لتخثر الدم ثم تأخذ مـن ذلك الدم الســـــائل كمية قليلة جداً من المليلترات لا تبلغ مستوى الخطورة أما الأنواع الأخرى فتتغذى على الحشــرات و على الأخص بالفواكه بالغة النضج . وهي تعيش داخل كهوف تقضي نهارها كله وهي معلقة من رجليها و رأسها في الأسفل حتى الليل لتخرج في الليل للبحث عن قوتها. في الظلام , فإن الخفافيش تجد إتجاهها مستعملة حاستها التي تشبه الرادار , بحيث تيعث بأصوات إلى الأمام لتصطدم بالأشياء لترتد إليها تلك الذبذبات لتلتقطها بواسطة أذنيها , بذلك تستـطيع التمييز بين الأشياء .إن الخفافيش حيوانات طائرة تتكون أجنحتها من جلد متحد ورقيق جداً . هذه هي الخفــافيش فسبحان الله العظيم